في رواية “لا حواء لا آدم” للكاتبة إميلي نوتومب، قامت إميلي بمناقشة مسألة شائكة جدًا في حالة من حالات العلاقات الإنسانية التي يصعب أحياناً تسميتها أو معرفة تحديدها من الأساس لالتباس المشاعر .
تروي إميلي في الرواية عما حدث لها في شبابها وتبدأ ذلك بأنها سافرت إلي اليابان وهي بعمر الواحد والعشرون ، لكنها أكتشفت انها لا تجيد اليابانية ، فتقرر أن تقوم بتدريس الفرنسية التي تجيدها بشكل جيد كحيلة منها تسكب مالًا ومنها تستطيع أن تحسن لغتها اليابانية
حينها تلتقي إميلي رينري ، الطالب الياباني ذو العشرون عامًا .كان رينري لطيفًا جدًا ، مهذبًا وغنيًا جدًا، كان يبدو لها غريبًا بعض الشيء ، طبعه الهادىء كان مثيرًا للتفكُّر ،بعد مدة ليست طويلة نشأت صداقة بينهما ومن ثم جمعت بينهما علاقة حب لطيفة .
لم تمر فترة طويلة حتى قام رينري بعرض الزواج علي إميلي ، تسمرت هي مكانها و لم تستطع أن تجيبه ، أرتبكت ، لم تفرح بعرضه وإحساسها هذا زاد إرتباكها ، لم تستطع أن توافق لكنها لم تستطع أن ترفض أيضًا ، الغريب بالنسبةِ لها أنها كانت تعلم جيدًا بداخلها أنها تحبه ، تكون سعيدة برفقته ، وأنه شخص جيد ولطيف ومسالم وقد لا تجد مثله .
بعد تفكير وافقت علي الخطبة لتعطي نفسها وقتاً ريثما تحدد ما تريد ، بداخلها علمت أنها لا تريد لهذه الأيام السعيدة أن تنتهي بهذه السرعة ، كانت تستمتع برفقته بالفعل . لكنها أيضًا لا تعلم لماذا لا تريد الزواج به ؟ أي مجنونةِ قد ترفض ؟
ليس كل من نحبهم يمكننا أن نرتبط بهم ، أو إكمال حياتنا معهم ، المعادلة ليست بهذه البساطة ، ربما لأننا لم نحبهم بما يكفي .
ربما هو عامل الإنجذاب مثلًأ ، أننا لا ننجذب لهم بما يكفي ، هذا ما قد يجعلنا نوافق علي شخص ما دون الآخر ، بل ما يجعلنا قد نرفض الجيد جدًا لنقبل بالجيد .
ربما لأن الصداقة \ الأخوة – مشاعر أخرى غير الزواج ، لأننا لسنا مضطرين لأن نلتزم بما يفرضه الزواج علينا ؟
اعتقد كلامها يتفقان في الحب ، في السعادة برفقة الآخر ، في الخوف عليهِ ، لكن في حالاتٍ ما هذا لا يكفي مالم توجد الرغبة القوية في أن تكمل ما تبقى من عمرك مع هذا الشخص – هذا فقط .
لم تفهم إيميلي ( ولا أنا كذلك خلال قراءاتي للراوية ) لماذا ترددت هكذا ؟ لماذا لم توافق علي الزواج بل أجلته إلى أجل غير مٌسمى ؟
كنتُ أفكر أننا لا نجد بسهولةٍ من نحبه ويحبنا في نفس الوقت ، هذه المعادلة تبدو صعبة بالنسبةِ لي ، بل أصعب إن كان هذا الشخص جيد بالفعل ؟
لماذا قد تفرط في شيء كهذا ؟ وكل الدلائل تؤكد أنها تحبه بالفعل .
بعد فترةٍ لم تجد إميلي بًدًا من الأمر ، و وجدت أن تأجيل الزواج طالت مدته ولم تعد تجد مبررات تقنعه بها ، كان صبورًا عليها جدًا ، وكانت تتفهم ذلك ، كل ما كانت لا تتفهمه لماذا لاتقبل الزواج ؟ لذا قررت السفر ، عادت إلى موطنها ، هذا كان الشيء الأكيد بالنسبة لها ، أنها لا تريد هذا الزواج ، حتي ولو لم تفهم لماذا..
تقول إميلي :
“كان هذا من جانبي في منتهى الشر ، هكذا كنت طيبَا معي للغاية ، أنت اول رجل أسعدني ليس لدي ما ألومك عليه ، لا أملك سوى ذكريات رائعة معك ، لكن لم تعد لدي رغبة في البقاء معك ، أشكر رينري لأنه كان بهذا الرقي فهم الرسالة دون أن أضطر لقولها له”.
بالطبع هي لم تخبره بأنها قررت الرحيل – للأبد ولن تعود ، ظل هو يتصل بها كل حين حتى بعدت المسافات بين كل اتصال وآخر ، ومن ثم علمت أنه تزوج ،شاءت الظروف بعد ذلك أن تسافر إميلي اليابات لتوقع رواية ” نظافة القاتل ” فيتقابلا في الحقل بعد حوالي ست سنوات منذ سفرها المفاجئء .
قال لها: “أريد أن أعانقك عناق الساموراي الأخوي”.
لقد كلفهما الأمر سنوات حتى يدركوا أين كانت العلة ، لقد أحبته بالفعل ، لكن ليس بذاتِ الطريقة التي أحبها هو بها ، لم تخدعه ولم تكن تكذب فقط لم تستطع أن تميز أو أن تدرك السبب.