رأسي أكثر هدوءًا الآن ، لا لأني تصالحت مع كل شيء ، لا لأني صرت أحب العالم فجأة ، بل لأنك هنا ، كل شيء هاديء وإن كان ليس على ما يرام ، لأنك هنا .
والآن يبدو ذلك كافيًا ، كافيًا جدًا .
.
أريد أن أتخلص من الذكريات السيئة ، الأوقات السيئة التي مضت ، أريد أن أكون أكثر خفة ، أن أشفى تماماً من الألم ، أن تحمل نهاياتي دائمًا بدايات أخرى .
يمكن للشيء أن ينتهي لأجل أن يبدأ مرة أخرى ، لقد انتهيت معك لأبدأ بك آلاف المرات ..
بيني وبيني ، أنا ونحن الأخريات ، نتجادل عليك ، أينا تجلبك لصفها أكثر ، أينا يصل إليك أولًا .
.
الساعة العاشرة وأنت نائم ، وأنا أفكر أنه علي أن اكون معك لأن الحياة بدونك مأساة مكررة بلا نجاة من أي إعادة منها
المساء خال منك ومملوء بحضورك في ذات الوقت ، استطيع الجمع بين النقيضين دائمًا وتستطيع تقبلي بمحبة دائمًا أيضًا
اليوم بكيت لأنك أخيرًا هنا رغم عدم وجودك ، وبكيت لأني تذكرت أني بكيت وأنت لست هنا ، وأن هذا كان صعبًا ، مؤلمًا ، وحزينًا للغاية
.
العاشرة والنصف والوقت يمر وأنا أريد أن أكتب نصًا جميلًا يحمل اسمي ويكون شبيهًا بك بشكل يجعلك تسعد أنه مني ولأجلك ، وهذا جميل لكن المعادلة صعبة .
أريدك أن تحضر ليغيب الوقت ، وتنهمر الكلمات من قلبي إلى صدرك في طريق لا يوقفه شيء ولا يحول بيني وبينك شيء أو ستار .
.
حسنًا، لنحاول مرة أخرى
الحادية عشرة وأنا يجب أن اكتب .
أنا أفر دائمًا ، كل الرجال الذين عرفتهم فررت منهم ، انسبتُ من بين أيديهم دون شعور منهم، هكذا وبمنتهى السهولة ، أكون معهم وفي الثانية التالية لا وجود لي ، وكأني لم أمر من أمامهم ، لا ، وكأني لم أخلق أصلًا .
هي – أنا – امرأة الفرار ، أفر من أي شيء ، أي شخص ، سريعة الخطى والتملص ..
لقد فررتُ منك فعلًا ، فررت منك كثيرًا ، لمرات تعرفها ولا تعرفها ، أنا امرأة لا تقع في الحب ولا تجاوره ، لذا فررت منك ، كنت أحيد عن الطريق الذي أعرف في نهايته أنني سأجدك ، أحيدُ فعلاً ، آخذ طريقًا مغايرًا ، ربما أكثر طولًا ، ربما أصعب ، ربما لا وجود له،إن أحببتَ الأبيض سأحب الأسود ، إن أحببتَ النشاط فأنا كسولة جدًا ، تحب الهدوء ؟ بالتأكيد أنا الصخب ذاته، كنت أفر منك ثم أجدك أمامي مرة أخرى
كيف كنت تأتي ؟ من أين ؟ ولماذا ؟
لماذا كلما فررت منك ، وجدتك مرة أخرى ؟ .
لم يفلح الأمر ؟
لم يفلح
وكنتَ هناك ، دائمًا كنت هناك حاضرًا بكل ثبات .
.
حسنًا أجرب حيلة أخرى .
تحبني ؟
أنا لا أفعل ، على الأغلب هذا نوع من الاعتياد، لا أكثر ، انجذاب عابر وإن اقتربنا سنصطدم وتصدم وقد لا نتوافق أبدًا ، ليس اعتيادًا ؟ ربما احتياج لا أكثر ، سيزول مع الوقت وسأكتشف أن كل هذا لا شيء ، أو عله تعلق أستاذي ،كما يفعل الطالب مع معلمه في حالات كثيرة كهذه ، وهذه مشاعر بالطبع لكن ليست حبًا ، أو حب من نوع آخر ، سيكبر الطالب وسيكتشف أن مشاعره كانت مبالغ فيها وأن تأثر واحترام ليس أكثر .
لم يفلح الأمر ؟
لم يفلح
وكنت هناك حاضرًا .
.
حسنًا ، لنكشف الأمر . أنا امرأة سيئة بالأساس ، سليطة اللسان وحادة ، غضوبة بشكل لا يبدو على ملامحي البريئة ، لكني مؤذية ، سأؤذيك تمامًا ،أصب أسهمي ناحيتك ، ولن يحميك شيء مني ، وستدرك أنه كان خطأ منذ البداية أن تحبني ، وأنه لا قلب لي ،و لا حتى عقل ، وأن الحسابات معي خاسرة ، ولا وجود لها أصلًا ، ستدرك أنني امرأة لعوب ، أجيد اللعب بالحرف فلعبت معك لعبة لا أكثر ، وأنت انطلت عليك الخدعة وأحببتني فعلًا .
.
لم يفلح الأمر ؟
لم يفلح
ولن يفعل
وكنتَ هناك حاضرًا وستكون أبدًا
لأنني في كل مرة فررت منك فيها كنت أفر إليك ،كانت تضيق الدنيا فأفر إليك ، أحزن ، فأفر إليك ، أبكي ، أخاف فأفر إليك ، أفرح أرقص ، أفر إليك .
كنتُ طفلة تفر إلى أباها ، كنت صديقة تفر لصديقها المقرب ، كنت أختًا لا أخ لها فتفر إلى أخاها
كنت طالبة تستعصى عليها المسألة فتفر إلي معلمها .
كنت أفر في كل النواحي وكنت دائماً هناك
كنتَ الحبيب الذي فرت حبيبته منه ، لتجده في كل مرة ، مرة أخرى ، وتحبه مرة أخرى من البداية .
كنت أفر منك خوفًا مني ، خوفًا من أن تتمكن المحبة مني ،لا أن تثقلني ، بل لأنني صرت أخف بما لا يجعلني استطيع أن أثقل مرة أخرى ،بما يجعلني أتوقف عن الفرار منك /
فبراير ٢٠١٩